لا تستهن بقدرات الأخرون

بسم الله الرحمن الرحيم
أعتذر جدا عن امتناعى من سرد قصة جديده من فترة وهذا لحدوث عطل فى جهازى
الحاسوب ولكنى سأحكى لكم قصة هادفة جدا وهى بعنوان/

لاتستهن بقدرات
الأخرين

بعدما حكوت لكم ما حدث سابقا وكيف أحبونى زملائى فى العمل وتغيرت نظرتهم لى
فانهم أحبونى جدا لدرجة أنهم كانوا يتصارعون مع بعضهم على أن يعزموننى على تناول
الطعام معهم وأيضا أصبحو يحاولون الأقتراب منى بصورة واضحة وأصبحت أنا المحبب لهم.
وتعدد حالات الغرق فى منطقتى
وأصبحت انقذها بسهولة ويسر بأمر الله فأصبحت
مهارتى فى الانقاذ فائقة للخيال لدرجة أننى أصبحت أرى من يغرق بمنطقة زملائى قبل
ان يروهم وأخرجهم بدون أن يشعر زملائى الا بعد خروجهم من البحر فتميزت كثيرا لدرجة
أن أصبحت سيرة المصرى على لسان كل أهل جمصة وبدأوا يتحاكوا عنى رؤسائى فى ادارة
الشاطئ لدرجة عندما كان ياتى فوج مهما الى جمصة كان رئيسنا يرسلهم لى و يقول لهم(انتم معكم منقذ شاب ومتميز جدا وأحسن منقذ عندى وهاترتاحوا
عنده جدا).
فشعرت بالغرور ولكن عندما كنت أسرد تلك القصص لوالدتى كانت دائما ما تحذرنى
من البحر ومن الغرور ولأن الانسان يولد بطبعة الغرور والغترثه فتملكنى الغرور ولما
لا أغتر فاننى كنت امتلك المهارة والعلم فعندما كانت تحدث حالة كنت أظل أنظر وأفكر
وأدرسها لدرجت أن المصيفين كانوا يتهموننى بالجنون وبتسائلون (لماذا أنت واقف؟ أتحرك)
وأنا أظل أنظر حتى أتخذ اللحظة المناسبة وأجرى وفى ثوانى أخرجها من فم البحر وكأنى
أعاند البحر كنت أشبه بمن بسرق الكحل من العين حيث كنت أاسرق الغريق من فم البحر
فى ثوانى دون أن يشعر مثل ما ينقض الأسد على فريسته ويتغلب عليها فى لحظات.

لذلك شعرت باننى أمتلكت الدنيا وأن الدنيا قد حيزت لى وأنها تبتسم لى ولكنى
لم أدرك ما وراء هذه الابتسامه من أنياب بها ثم لعين .

ففى يوم من ذات الأيام كنت أجلس على برجى وقد تركت المصيفون يجتازوا المنطقة
الخطر ولا أبالى وأنا أقول فى ذاتى (من سيغرق سأخرجه فى
لحظات)ولكن ما حدث كان أكبر منى ومن أى أحد فبينما أنا جالس على برجى وأمعن
النظر فى المصيفين خرجت موجه كبيرة من البحر تشفط كل من أمامى من المصيفين كانت أشبه
بيد كبيرة تمتد لتطيح بكل من أمامهاووجد المصيفين الى أمامى بيغرقوا فانهرت وشعرت
أنى تايه ولا أعرف كيف أتصرف فسرت أصفر لزملائى كالمجنون بل كالثور الهايج وقفزت
من برجى أخبط فى ده وأرمى ده وأجرىوأنظر هنا وهناك لكنى تفاجأت بعدد كبير من
الغرقى فلا أتذكر عددتهم من كثرتهم ثار عقلى وجنونى مش عارف أجى منين ولا أروح فين
هل أختبئ وأعمل نفسى لم أراهم لكنى أخذت طوقى وانا أصرخ وأنادى على زملأئى( ألحقونى الناس هاتموت ألحق الناس هاتموت يانهار أسود ألحق يا فلان ويافلان الناس هاتموت )واضرب فى الأمامى حتى يفسحوا الطريق والمنقذين الى بعيد عنى بأمتار شافوا المنظر والبحر مذدحم وناس بتغرق فاجولى جرى ونذلوا كلهم ومعاهم الأطواق كان المصيفين عاملين ذى الى بينضربوا فى خلاط واحنا معاهم البحر بيشيل ويهبد فينا وكلنا مش عارفين نعمل حاجه وأحنا لاحول لنا ولا قوة مش عارف أوصف لكم كان يوم أشبه بالجحيم وكأننى أحلم فاننى كنت أسمع زمان أن ناس
يشوفوا أهلهم بيطلعوا فى الروح أمامهم ومش بيعرفوا يعمللهم حاجه ففى تلك اللحظه
شعرت بمرارت هذا الاحساس فرأيت كثيرا من الناس حولى البحر ينطرهم هنا وهناك فوق
وتحت وأنا مقيد اليدين لا أملك لهم ضررا ولا نفعا فرحتوا أمسك بغريق ثم أعطيه
لزملائى الذين تعبوا معى جدا ثم أمسك بالغريق الأخر وأعطيه لهم وأنا أنظر الى أخر
واحد أحاول أوصلوه بأقصى سرعه فان لم أصل له مبكرا سيموت تماما .
وأستمريت فى أمسك بغريق وأعطيه لزملائى حتى كان بينى وبين الأخير غريقا واحدا
وكانت المفاجأه/

أن هذا الغريق طفلة صغيرة أمورة
بريئه يطيح بها البحر كالوحش الكاسر نظرت فى عينيها فانخطف قلبى وعقلى خوفا عليها
بل رعبا على هذه المسكينة وقمت بحملها وأعطيتها لزملائى بعد أن أطمئنيت عليها لكن
الفاجعة أن تاه بصرى عن الأخير فقد فقده فقد أنشغلت بالطفله ففى تلك اللحظه غطس
الغريق تحت الماء فقمت بالغوص ورأه أبحث عنه فى كل مكان وكأنه فص ملح وداب لأن ماء
جمصة أسود صعب تجد فيه أحد فشعرت بأنى نفسى أنتقم من البحر أريد التمرد عليه لكنى
لحظتها شعرت أنى مافيش لا أساوى شئ بالنسبه له وأنى نمله بالنسبه له بل لا أساوى
حتى نمله وشعرت كأنه يعطينى ألما شديدا ليس ألم مثل ما يعطيه والد لولده ولا مدرس
لتلميذه بل مدرس قاسى لا يقبل الوسطه لا يعرف الرحمه ليس لديه أى قلب ليس لديه أى مشاعر
كان درسا قاسيا وكأن البحر يقول لى(أنت مين أنت؟ روحت
فين ولا جيت منين؟أنت ولا حاجه فبل كده كنت بهزر معاك)علمت أن البحر ليس له
كبير الا واحدا انه الله عز وجل ولحظتها أمنت أن هناك من هو أكبر منى بل أكبر من
البحر بل أكبر من الكون كله لمست هذا بنفسى وشعرت أن الله
يقول لى( أنت لا تزن جناح بعوضه فى ملكى ولا فى قدرتى بل
ولا أقل من ذلك ومهما علت قدراتك فتذكر أنى الذى أمدك بتلك القدرات فلا تغتر ولا
تستهن بقدرات الأخرين).

أه نسيت أقولكم أن رحمت ربنا أكبر من أى شئ وأنه أحن بالعبد من أمه التى
تحمله بين أحشائها فكالعاده ربنا سترها فجائوا زملائى بغزل(وهو عبارة عن شبكة كبيرة جدا ولكن بالطول)ومسكناها من أطرافها
ومدناها بطول البحر وقمنا بتجريف المنطقه التى غطس فيها ولله
الحمد أخرجناه وهو فى وسط الغزل
كسمكة القرش عندما يصطادها الصياد وقامت سيارات الأسعاف بنقله للمستشفى.

الكابتن/عمرو المصرى.
عضو الاتحاد الدولى للغوص واللانقاذ.